وقد كانت صلة الرحم من الأخلاق المعروفة قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وعُرِف بها أيضاً، كما يتّضح ذلك من قول أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- له حين نزل عليه الوحي أوّل مرّةٍ: كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وكان رسول الله يمدح أرحامه، ويدعو لهم، ويُوصي بعضهم ببعضٍ، ويفخر بهم، ويقدّم لهم المساعدة المادّية، والمعنويّة، وممّا كان أنّه دعا لعبدالله بن عباس بأن يُفقِّهه الله في الدين، ويُعلّمه التأويل، ومن أجلّ وأعظم المواقف التي تدلّ على حرص الرسول على رَحِمِه ما حصل عند موت عمّه أبي طالب؛ فقد جاءه رسول الله، وكان عنده أبو جهل، وعبدالله بن المغيرة، فطلب منه الرسول أن ينطق الشهادة فأبى، ولمّا مات أراد النبيّ أن يستغفر لعمّه، روى الإمام البخاريّ قول الرسول في ذلك: أمَا واللهِ لأستَغفِرَنَّ لكَ ما لم أُنْهَ عنكَ ، فأنزل الله قوله ناهياً عن ذلك: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ وَلَو كانوا أُولي قُربى مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُم أَصحابُ الجَحيمِ | و صلى الله على نبينا محمد |
---|---|
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقاً على الزيادة في العمر والرزق: مَن أحَبَّ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، ويُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ | من هم الرحم الواجب صلتهم سؤال من الأسئلة الشرعية التي يطرحها المسلمون، فإنَّ صلة الرحم من الأمور التي أمر الله تعالى بها في القرآن الكريم، ووصى بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أحاديثه الشريفة، لذا يتساءل الكثير من المسلمين عن من هم الرحم ومن هم الرحم الواجب صلتهم، وما حكم صلة الرحم في الإسلام، وفي هذا المقال سنوضّح كلّ ما سبق |
كما قال الله تعالى في موضع آخر من كتابه العزيز: وَالَّذينَ يَنقُضونَ عَهدَ اللَّـهِ مِن بَعدِ ميثاقِهِ وَيَقطَعونَ ما أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يوصَلَ وَيُفسِدونَ فِي الأَرضِ أُولـئِكَ لَهُمُ اللَّعنَةُ وَلَهُم سوءُ الدّارِ.
26ثانياً: في الآخرة صلة الرحم سبب من أسباب دخول الجنة مع أول الداخلين، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم" | |
---|---|
وهنا يجب التأكيد أن فعل العكس من هذه الأفعال يعتبر قطع للأرحام، فالقطيعة من أشد الأخطاء والذنوب التي تحدث للشخص وللعائلة، فالقطع يعني الهجران، والمنع وعدم الاتصال وهذا لغوياً | وكان هذا مما يوصي به رسول الله أصحابه، فقد ورد عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: أوصاني خليلي: أن لا تأخذني في الله لومة لائم، وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرَتْ |
من هم الأقارب الذين يجب أن يصلهم الإنسان؟ الأقارب الذين يعدون من الرحم، المأمور بوصلهم والمنهي عن قطعهم هم أقارب الإنسان نفسه على الصحيح، من جهة أبيه ومن جهة أمه وأبنائه، من إخوته وأخواته ومن الأعمام والأخوال والعمات والخالات وأبنائهم، ومن الأبناء والأحفاد.
إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ الممتحنة:8-9 ، وقد ورد في سبب نزولها حديث أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ متفق عليه | صلة الرحم في اللغة آتية من الجذر اللغوي في المعاجم العربية وصل، ومنها الصلة بين الشيئين، ولها العديد من المعاني الأخرة مثل الجائزة والإحسان والبر والعلاقة بين تربط بين الاثنين أو اكثر وتجمع بينهم، أما الرحم فهو يعني مكان استقرار الجنين في بطن الأم، أو رحم الأم، والذي يعتبر بيت الجنين حتى يأتي إلى الحياة الدنيا |
---|---|
الرحم: اسم شامل لكافة الأقارب من غير تفريق بين المحارم وغيرهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى قصر الرحم على المحارم، بل ومنهم من قصرها على الوارثين منهم، وهذا هو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد رحمهما الله، والراجح الأول |
أقول ليس هناك زمن يمكن تحديده وإنما يرجع في ذلك إلى العرف بحيث يتعارف الناس على أن هذا الرحم يوصل في كذا وكذا وهذا إن كان قريب المسكن فيوصل عند كذا وكذا.