وبعد: فإننا نتحدث عن توحيد الربوبية، ومعناه الاعتقاد الجازم أن الله -عز وجل- هو الخالق لجميع المخلوقات والرزاق لهم، وهو المحيي والمميت، وهو المدبِّر والمتصرِّف في هذا الكون كما يشاء -سبحانه وتعالى-، وأنه الملك والمالك لما في السماوات والأرض | رابعاً: أنه مخالف لإجماع السلف الصالح رضوان الله عليهم |
---|---|
والقرآن الكريم نزل باللغة العربية بلا شك كما قال الله سبحانه وتعالى: { إنا جعلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون}، ومقتضى صيغة"استوى على كذا"في اللغة العربية العلو والاستقرار، بل هو معناها المطابق للفظ | والتدبير الذي يكون لبعض المخلوقات كتدبير الإنسان أمواله وغلمانه وخدمه وما أشبه ذلك هو تدبير ضيق محدود، ومقيد غير مطلق فظهر بذلك صدق صحة قولنا: إن توحيد الربوبية هو"إفراد الله بالخلق والملك، والتدبير" |
ذُكر توحيد الألوهية في العديد من الآيات من بينها سورة الإخلاص التي تركزت بالكامل على التوحيد والإفراد لله في العبادة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 1 اللَّهُ الصَّمَدُ 2 لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ 3 وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ 4 ، ولا يكتمل إيمان المسلم إلا بدون الإقرار بكلاً من توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية.
وبالرغم من أن هذه الأجزاء عبارة عن وحدات متفارقة في الأساس، أي أنّ لكل وحدة منها وظيفة خاصة تؤديها، دون أن يكون عمل أي وحدة من الوحدات، أو أي جزءٍ من الأجزاء سبباً في فساد وحدةٍ أخرى، أو جزء آخر من الأجزاء الكثيرة والتي لا حصر لأعدادها في هذا الفسيح، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ جميع هذه تنطبق في الدقة، وحسن التدبير على جميع الكون، فما ينطبق في السماء، ينطبق كذلك في الأرض، وكلها تخضع لنظامٍ غايةٍ في الدقة والعظمة | فمن ذلك : قوله تعالى : قل هو الله أحد |
---|---|
واستخدام هذا المصطلح التوحيد أو أحد مشتقاته للدلالة على هذا المعنى ثابت مستعمل في الكتاب والسنة | ما هو توحيد الربوبيه، يفكر الانسان في ابداع الكون، ويطيل النظر به، ويلاحظ الوحدة النظامية الموجودة في الكون والدقة الموضوعة به، واحتوائه علي الأجرام والكواكب ذات الحجم الكبير الي الأصغر ذرة في الكون، ونلاحظ التناسق والتناظر المحكم، والرسم الإبداعي المدخل والمجدد في الكون الذي لا يطيله أي اضطراب أو خلل أو فساد، الله الواحد الأحد خلق الكون وجعله أعظم الأشياء التي صوره بجماله وبداعة خلقة من النجوم والكواكب والأقمار والمجرات، ويسير الكون في حركة متناغمة ودقيقة، وحركة يمكن تقديرها لارتباط أجزاء الكون مع بعضها البعض ترابط تام، والأجزاء تكون عبارة عن وحدات منفصلة في الأساس، وكل وحدة مكونة يوجد لها وظيفة تختص بها وتؤديها، دون أن تتجزأ أي وحدة علي كافة الوحدات المتواجدة، أو يوجد العديد من القوانين التي يمكن أن نطبقها علي الكون ذات الدقة وحسن التدبير علي كافة أجزاء الكون |
توحيد الربوبية في الاصطلاح أما في الاصطلاح فإن يقصد به الاعتراف والتصديق بأن الله وحده هو الإله وأنه لا ينبغي أن يكون هناك إلها غيره، حيث أنه هو الخالق، وهو الذي يدير كل ذرة فيه بأمره وحده، وهو المتحكم في القوة ولا يأخذها أحد منه، ولا يقضي أحد أمر إلا بقضائه ولا يهرب أحد من شر إلا بعطائه ولا يفيض على عبد من خير إلا برحمته.
8يجب على الإنسان أن يؤمن تمامًا أن الله وحده لا شريك له وأنه خالق الكون والوحيد الذي يتحكم في الكون ، وأنه خلق كل شيء للعبادة سواء كان إنسانًا أو جنًا أو رياحًا أو عواصف من الكل شيء خلق لعبادة الله ومثال قوله تعالى: ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدوا | وعلى هذا يكون الله سبحانه وتعالى منفرداً بالخلق الذي يختص به |
---|---|
ومن الدلالات على ربوبية الله على خلقه مايلي: 1- دلالة الفطرة: ذلك أن الله ـ سبحانه ـ فطر خلقه على الإقرار بربوبيته، وأنه الخالق، الرازق المدبر، المحيي المميت؛ فالإيمان بالربوبية أمر جبلي مركوز في فطرة كل إنسان، ولا يستطيع أحد دفعه ولا رفعه | وكلامهم هذا باطل متهافت، بل إن أصحاب هذا المبدأ انشقوا على أنفسهم، ولعن بعضُهم بعضاً، وكَفَرَ بعضُهم ببعض |
وهذا باطل، وبطلانه لا يحتاج إلى دليل، بل إن فساده يغني عن إفساده.