والسفيه: الجاهل بمعرفة مواضع المنافع والمضار، ولأن السفيه إنما يفسد من حيث يرى أنه يصلح، ويضيع من حيث يرى أنه يحفظ | التي يُقال أن العز بن عبد السلام كان يقرأها |
---|---|
وخلاصة القول: فإن الإمام العز قد عرف بالتجديد والتصحيح لمفاهيم الناس المترسبة في أذهانهم عن حقائق الدين الثابتة القطعية، والتعديل لأوضاعهم والتقويم لسلوكهم، حتى تكون على وفق تعاليمه غضة طرية، بعد أن تراكمت عليها البدع والشبهات، فأمات بذلك،رحمه الله، البدعة وأحيا السنة، كما حارب التقليد، وأنكر الجمود، وأحيا الاجتهاد، ومارس دور العالم المجاهد في قيادة الأمة، فهرع إليه الناس، والتفوا من حوله، واتخذوه إماما، وبجدارة وبدون منازعة، فقد تصدى، رحمه الله، للدفاع عن كيان الأمة وكرامتها وعزتها، بيده ولسانه وقلمه، مدافعا على حقوقها ومصالحها بجلبها إليها، وعلى مفاسدها بدرئها عنها | فهنا وجد الشيخ العز بن عبد السلام أن كلامه لا يُسمع فخلع نفسه من منصبه في القضاء فهو لا يرضى أن يكون صورة مفتي وهو يعلم أن الله عز وجل سائله |
ويمكن القول بأن مشروع الإمام في هذا المجال تجديدي إحيائي، لترميم تصدعات الحياة الإسلامية، واضطراباتها في جميع المجالات: الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو ما حال بينه وبين تمكنه من إعطائه ثمار ما أوتيه من علم واسع ودقيق في كل المجالات، حيث لم تتهيأ له الظروف المطلوبة لإعطائه تلك الثمار العلمية الحضارية، تجديدا ونهضة، ذلك بأن عصره، رحمه الله، كان عصر انقسامات واضطرابات وفتن وأهوال داخلية وخارجية.
16وجاءوا إلى الشيخ العز بن عبد السلام، وحاولوا إقناعه بالتخلي عن هذه الفتوى، ثم حاولوا تهديده، ولكنه رفض كل هذا — مع أنه قد جاء مصر بعد اضطهادٍ شديد في دمشق — وأصرَّ على كلمة الحق | |
---|---|
» ولما سُئل العز عن الإنشاد والتواجد والرقص والسماع أجاب: «الرقص بدعة، لا يتعاطاه إلا ناقص العقل، ولا يصلح إلا للنساء، وأما سماع الإنشاد المحرك للأحوال السَّنِيَّة بما يتعلق بالآخرة فلا بأس به، بل يندب إليه عند الفتور وسآمة القلوب، لأن الوسائل إلى المندوب مندوبة، والسعادة كلها في اتباع الرسول واقتفاء أصحابه الذين شهد لهم بأنهم خير القرون، ولا يَحضُرُ السماعَ مَنْ في قلبه هوى خبيث، فإن السماع يُحرك ما في القلوب من هوى مكروه أو محبوب، والسماع يختلف باختلاف السامعين والمسموع منهم، وهم أقسام | فألقى خطبة أفتى فيها بحرمة بيع السلاح للعدو، وأنهى خطبته بقوله: اللهم أبرم أمرًا رشدًا لهذه الأمة، يعزّ فيه أهل طاعتك، ويذلّ فيه أهل معصيتك |
فلله درهم ، وجزاهم ربي عن الإسلام والمسلمين خيرا، فهم الذابون عن دينه والحامون لحمى شريعته، الفاضحون لكل مبتدع ضال، والمبغضون لكل منحرف صاحب هوى.
12